"مهند، جهاد، سمر، فتون وفكرات فاطمة وكريم" أبطال لأهم المسلسلات التركية التى تتابعها الأسر المصرية بشغف وتنال إعجاب الفتيات، ورغم اختلاف "اللكنة" التى تعرض بها هذه المسلسلات والتى تحتاج إلى بعض الجهد لتفسيرها إلى أن هذا لم يكن مانعا فى متابعة الحلقات كل يوم، بل أن البعض يحاول أن يسبق ببعض الحلقات ليعرف ما تخبأه الأقدار لأبطال مسلسله، فيقوم بتشغيله على الإنترنت، ويعاود مشاهدته مرة أخرى عندما تذيعه الفضائيات، وتقول مايسة أنور بعدما انتابنى الملل من متابعة الدراما مصرية وجدتنى أتنقل بين الفضائيات وشاهدت بعض اللقطات التى استحوذت على اهتمامى وعرفت إنها دراما تركية، ولأن بعض الكلمات لم أفهمها فكنت حريصة على مشاهدة إعادة نفس الحلقة فى المساء، وفى الصباح وجدت الأصدقاء فى العمل يتبادلون لفظ "عن جد" بمرح ففهمت أنهم كذلك كانوا يتابعون تلك الحلقات، وشدتهم تلك الكلمة فتبادلوها سويا، وقلت لإحدى صديقاتى احكى لى ما فا تنى من حلقات ومن وقتها، وأنا اهتم بمتابعة المسلسل.
ويذكر إبراهيم عزت أنه وجد زوجته تتابع مسلسلين تركيين أحدهما باسم "فاطمة" والآخر باسم "العشق الممنوع" وتظل بعد المشاهدة تحكى مع أختها عما شاهدته والشوارع النظيفة والبيوت المنمقة، وهناك سلوكيات أخرى لا تتفق مع الأخلاق والتقاليد فيما يتم عرضه بتلك المسلسلات فترد عليها أختها الكبرى أن النموذج التركى قريب من طبيعتنا الشرقية، وما فيه من سلوكيات خاطئة ونراها فى الدراما التركية هى موجودة فى واقعنا المصرى، إلا إننا نظن أننا بعيدين عنها، ولكن مثلا حب زوجة العم لابن أخ الزوج، وما ينشأ بينهما من علاقة محرمة ترفضها الشرائع والأخلاق هو موجود فى مجتمعنا المصرى، وإن اختلفت الأشكال، كما إننا لا نحب أن نصدقه كواقع يفرض نفسه على بعض الناس.
وتذكر نجلاء عبد الغفار أن ما أعجبها فى الدراما التركية تفردها فى بعض مناحى الحياة، عما يمكن أن يكون فى مصر، فمثلا المحافظة عل نظافة المنزل بضرورة تبديل الحذاء الذى يتم استخدامه فى الطريق العام، عما يمكن ارتداؤه فى المنزل، كما لابد من اجتماع كل أفراد الأسرة يوميا على الإفطار والغذاء وفى العشاء أيضا، وهذا ما يجعل الأسرة أكثر حميمية وقربا، حيث تبادل الحوار وما حدث لكل منهم أثناء اليوم، وتشارك فى الحديث نورا موسى التى تقول أحب فى المسلسلات التركية بعض المفردات التى يتبادلها أفراد المجتمع مثل "رجاء" دير بالك على حالك، بعتذر فيك، دخيلك ربى".
ويقول الدكتور على ليلة أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة عين شمس أن تآلف المشاهد المصرى بالأعمال التركية يرجع إلى اشتراك المجتمعان فى العديد من السلوكيات والأخلاق، إلا أن هناك العديد من أوجه انجذاب المصريين للدراما التركية، حيث يجد المشاهد مجتمعا نظيفا ومتقدما ويعيش حالة من الرومانسية التى يفتقد إليها الكثيرين فى مجتمعنا المصرى، وهو ما يتمنى أن يجده كل مصرى على أرض وطنه، ويتمنى أن يشاهده فى دراما تخاطب وجدانه، وهذا ما تصيغه الدراما التركية بتكنيك فنى عال وبحبكة درامية عالية المستوى، رغم ما يأخذه البعض على أن هذا المجتمع ينقل إلى مجتمعنا قدر كبير من التحرر وبعض السلوكيات التى تنسجم مع عاداتنا وتقاليدنا والتجاوزات الى لا يجب أن يتعرض لها جيل الشباب ومن هم أصغر منهم، وهذا ما يجب أن يتصدى له إعلامنا المصرى بتوفير بديل مناسب عال الجودة مع إجادة لغة طرح الموضوعات ومعالجتها، حيث أن هناك الكثير من التداعيات التى قد تصيب مجتمعنا جراء الارتباط الشديد بتلك الدراما الوافدة التى قد يقدر البعض على تجاوز سلبياتها والبعض الآخر قد يغترب معها ومن ثم نحن فى مهب "فقدان الهوية المصرية" إذا لم تتصد كافة المؤسسات والإعلام لطرح بديل مناسب ويغرى بعدم الانسياق وراء جب الثقافات الأجنبي